رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم
تعليم آدم الأسماء:
ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائنالبشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسميةالأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاصوالأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض .ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة علىالرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كلفرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهمليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلاباستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلابالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليهإلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرةعلى الرمز بالأسماء للمسميات .
أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم. ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرضلم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص. . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقراربحدود علمهم , وهو ما علمهم . . ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثمكان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: (قَالَ أَلَمْأَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِوَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .
أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة حينأخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كماعلم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوقالذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلم والمعرفة.. كما فهمواالسر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلموالمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام..وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخلفي هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض.
إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلوم الأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.
سكن آدم وحواء في الجنة:
اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء فينفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا فيالجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها واختلف المفسرونفيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء. ونفىبعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جاز فيهاوقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقالغيرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليمفي أمرها والتوقف.. ونحن نختار هذا الرأي. إن العبرة التي نستخلصها منمكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.
لم يعد يحس آدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيرا. وكان الله قد سمح لهمابأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدموحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى،وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره،واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم. راح يوسوسإليه يوما بعد يوم: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍلَّا يَبْلَى) .
تسائل أدم بينه وبين نفسه. ماذا يحدث لو أكل من الشجرة ..؟ ربما تكون شجرةالخلد حقا، وكل إنسان يحب الخلود. ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولانبالتفكير في هذه الشجرة. ثم قررا يوما أن يأكلا منها. نسيا أن الله حذرهمامن الاقتراب منها. نسيا أن إبليس عودهما القديم. ومد آدم يده إلى الشجرةوقطف منها إحدى الثمار وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من الثمرة المحرمة.
ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكلمن الشجرة. إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث-عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسببالكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.
لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية. وبدأهو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.
هبوط آدم وحواء إلى الأرض:
وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربهالتي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرضهي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.
يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولاهذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حينشاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوطإهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالىيعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكنفي الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلمجنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنةيمر بطاعة الله وعداء الشيطان.
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire