samedi 14 mai 2011

قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليهم السلام سلسلة قصص الانبياء رائعه .




قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليهم السلام سلسلة قصص الانبياء رائعه .



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
السلام عليكم اخواني واخواتي
من هنا سوف يكون لنا لقاء
مع صفحات مضيئة مع قصص الانبياء عليهم السلام















  #3  






افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

تعليم آدم الأسماء:

ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائنالبشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسميةالأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاصوالأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض .ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهب الإنسان القدرة علىالرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حين يحتاج كلفرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهمليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلاباستحضار جسم النخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلابالذهاب إلى الجبل ! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليهإلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرةعلى الرمز بالأسماء للمسميات .

أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم. ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرضلم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص. . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقراربحدود علمهم , وهو ما علمهم . . ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثمكان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم: (قَالَ أَلَمْأَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِوَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) .

أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة حينأخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ما كتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كماعلم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوقالذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلم والمعرفة.. كما فهمواالسر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلموالمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام..وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخلفي هذا النطاق كل العلوم المادية على الأرض.

إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلوم الأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.

سكن آدم وحواء في الجنة:

اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء فينفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا فيالجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقد سكت القرآن عن مكانها واختلف المفسرونفيها على خمسة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء. ونفىبعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جاز فيهاوقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقالغيرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليمفي أمرها والتوقف.. ونحن نختار هذا الرأي. إن العبرة التي نستخلصها منمكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.

لم يعد يحس آدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيرا. وكان الله قد سمح لهمابأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدموحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى،وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره،واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم. راح يوسوسإليه يوما بعد يوم: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍلَّا يَبْلَى) .

تسائل أدم بينه وبين نفسه. ماذا يحدث لو أكل من الشجرة ..؟ ربما تكون شجرةالخلد حقا، وكل إنسان يحب الخلود. ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولانبالتفكير في هذه الشجرة. ثم قررا يوما أن يأكلا منها. نسيا أن الله حذرهمامن الاقتراب منها. نسيا أن إبليس عودهما القديم. ومد آدم يده إلى الشجرةوقطف منها إحدى الثمار وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من الثمرة المحرمة.

ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكلمن الشجرة. إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث-عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسببالكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.

لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية. وبدأهو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.

هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربهالتي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرضهي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.

يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولاهذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حينشاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوطإهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالىيعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكنفي الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلمجنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنةيمر بطاعة الله وعداء الشيطان.















  #4  










افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

هابيل وقابيل:
يذكر لنا المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلامفي الأرض. لكن القرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيلوقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.
كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا.فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريدزوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهماقربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة(المائدة):
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَاقُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِقَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَالْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَاأَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَرَبَّ الْعَالَمِينَ (28) (المائدة)
لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)
انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخالطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل مندمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض.كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئاقد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيابجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحتهإلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليهالتراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.
اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهوالأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسبالشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافرهفي الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.
قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّمُّضِلٌّ مُّبِينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما،وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانايعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهمإليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقصلهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.
موت آدم عليه السلام:
وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته، يروي أبي بن كعب، فقال: إنآدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال:فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوسوالمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ماتريدون وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم:ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال:إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل.فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبرهفوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم.
وفي موته يروي الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بنسعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هوخالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً مننور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأىرجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخرالأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال:أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال:أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحدفجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطىء آدم فخطئت ذريته".
__________________















  #5  



افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

شيث بن ادم عليه السلام


سيرته:

لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً.
لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكاننبياً. ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَهابيل. فلما حانت وفاته أوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعدهولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنهملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصونالكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليسوجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردةالجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة.

فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور.
__________________














من أشهر مواضيعي:قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13-06-2007, 02:12 AM
أماني الحياة غير متواجد حالياً
معلومات الكاتب
:: عضو ::
رقم العضوية : 9113
تاريخ التسجيل: 13 / 6 / 2007
المشاركات: 104
معدل تقييم المستوى: 4 أماني الحياة مستوى عادي
مزاجي اليوم
افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

إدريس عليه السلام

نبذة:

كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جدنوح، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان،وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علمالنجوم وسيرها

سيرته:
إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم فيكتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمانبهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأنالقرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.

نسبه:

هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلامواسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجدادنوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهماالسلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليهالسلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.

حياته:
وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقالآخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم،ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة(آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمرمن أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذارحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلواإلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معهبمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقددعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب فيالآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانيةالزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة منالجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنهكان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهمجميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسملقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت فيزمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرهاندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة)وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).

وفاته:
وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عنشمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له:ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب:أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم -لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة،فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً،فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأينإدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبضروح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماءالرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها.وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كمبقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل مابقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قدقبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.

وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففيهذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ماتقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} :رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليهمن أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسنالبصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلونرفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لميكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.

قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوافي ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليهالسلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلو كان في عمودنسبه لقال له كما قالا له.

وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيلالهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر،وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات اللهعليهم أجمعين.














من أشهر مواضيعي:قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13-06-2007, 02:13 AM
أماني الحياة غير متواجد حالياً
معلومات الكاتب
:: عضو ::
رقم العضوية : 9113
تاريخ التسجيل: 13 / 6 / 2007
المشاركات: 104
معدل تقييم المستوى: 4 أماني الحياة مستوى عادي
مزاجي اليوم
افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

نوح عليه السلام

نبذة:
كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهمعصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل منالناس، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أنيؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهمرجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأنيأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين.


سيرته:

حال الناس قبل بعثة نوح:

قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمناثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت..ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناءالأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغلإبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر علىالضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.

إرسال نوح عليه السلام:
كان نوح كان على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكلالأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ.فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث.هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يومللقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكونهناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأنالوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيفخلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانقللعقل.

تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراءوالبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياءوالكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاععلى ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.

في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرضرسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكةلأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلماوجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجومعلى نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غيرالفقراء والضعفاء والأراذل.

هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة.قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهمضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدةمع هؤلاء.

واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده.أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنماهم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه منيشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.

كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه. وهو منطقالفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.

قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاهالله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لاإله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلالدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيهثوابه. أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدودهكنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنينبه فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي منطردهم، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أنمطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.

وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـهوتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهيإنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص اللهتعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلةالملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاءالمؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم، الله أعلمبما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إنالله لن يؤتيهم خيرا.

وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِابِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَايَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَيَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُيُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)(هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال.غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم..فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرةيستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كلمخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا منتمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق مااختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.

وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارتكل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدبويشتمون نبي الله:

قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّالْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْوَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعامابعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسراوجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله فيالكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهمجعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومهإلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.

وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوحغير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياءوالكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظابالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربمايكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

برر نوح دعوته بقوله:

إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)














من أشهر مواضيعي:قصص الأنبياء كاملة من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13-06-2007, 02:14 AM
أماني الحياة غير متواجد حالياً
معلومات الكاتب
:: عضو ::
رقم العضوية : 9113
تاريخ التسجيل: 13 / 6 / 2007
المشاركات: 104
معدل تقييم المستوى: 4 أماني الحياة مستوى عادي
مزاجي اليوم
افتراضي رد: قصص الأنبياء....(من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم

الطوفان:

ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبدهنوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه،وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر الله تعالى أمرهإلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُممُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي،وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع مازرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلفالمفسرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي عملتفيه، ومقدار طولها، وعرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء. وقالالفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني، لأنها أمور لاحاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا. نحن نتفق معالرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثناالله به. تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمونالقصة ومغزاها المهم.

بدأ نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة،والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذنيا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقدجن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح. وكانوا يسخرون منهقائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخرمن الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأنالعذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخرالمؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.

انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أنه إذافار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه بركان فيالمنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كانهذا أمرا لنوح بالحركة.

وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به،وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطيرووحش زوجين اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة،إلى آخر المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساقجبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوانوالطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ماكان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة.صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنينقليلا.

لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبديالإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هيالأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن منقوم نوح ثمانون إنسانا.

ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لمتر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعدساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسحالأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.

ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطحالأرض كله. وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه.ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلاموابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء
عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ

وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ


انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموجحوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفعوترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أنيغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمنتصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عينتطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذاالجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض.وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هولالطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق. كانت السفينة تجريبهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصالالقارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار،ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض،وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.

استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أنتكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أنترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفانالأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَالْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداًلِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض.(وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قومنوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكنفيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه،وقيل كان ذلك يوم عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهموغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح..تذكر ابنه الذي غرق.

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد،آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلميعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالىفي سورة (هود):

وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّوَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهلهالمؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرةالأولى:

يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍفَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنتَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنهعنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْأَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل فيإنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحابما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت.وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكونابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.

وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أرادالله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لميؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه فيالعقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه.هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بينالمؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أوالأرض.

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطاببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقتفي الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمنمع نوح بعد نجاتهم من الطوفان.
__________________

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire